تَذكَّرْتُ لَيْلَـى والسِّنيـنَ الْخوَالِيـا
وَأيَّامَ لاَ نَخْشَى على اللَّهْـوِ نَاهِيَـا
وَيَومٌ كَظِلِّ الرُّمْـحِ قَصَّـرْتُ ظِلَّـهُ
بِلَيْلَـى فَلَهَّانِـي وَمَا كُنْـتُ لاَهِيَـا
بِثَمْدِينَ لاَحَتْ نَارُ لَيْلَـى وَصُحْبَتِـي
بِذاتِ الْغَضَى تُزْجي المَطِيَّ النَّوَاجِيَـا
فَقَالَ بَصيرُ الْقَوْمِ ألْمَحْـتُ كَوْكَبـاً
بَدَا فِي سَوَادِ اللَّيْـلِ فَـرْداً يَمَانِيَـا
فَقُلْتُ لَهُ : بَـلْ نارُ ليْلـى تَوقَّـدتْ
بِعَلْيَا تَسَامَـى ضَوْؤُهَـا فَبَـدَا لِيَـا
فَلَيْتَ رِكابَ الْقَوْم لَمْ تَقْطَعِ الْغَضَـى
وَليْتَ الْغَضَى مَاشَى الرِّكَابَ ليَاليَـا
فَيَا لَيْلَ كَمْ مِنْ حَاجَـةٍ لِي مُهِمَّـةٍ
إِذَا جِئْتُكُمْ بِاللَّيْـلِ لَـمْ أدْرِ مَا هِيَـا
خَلِيلَـيَّ إِنْ لاَ تَبْكِيَـانِـيَ أَلْتمِـسْ
خَلِيلاً إِذَا أَنْزفْتُ دَمْعِـي بَكَـى لِيَـا
فَمَا أُشْـرِفُ الأَيْفَـاعَ إِلاَّ صَبَابـةً
وَلاَ أُنْشِـدُ الأَشْعَـارَ إِلاَّ تَـدَاوِيَـا
وَقَدْ يَجْمَـعُ اللهُ الشَّتِيتَيـنِ بَعْدَمَـا
يَظُنَّـانِ كُـلَّ الظَّـنِّ أَنْ لاَ تَلاَقِيَـا
لَحَـى اللهُ أَقْوَامـاً يَقُولُـونَ إِنَّنَـا
وَجَدْنَا طَوَالَ الدَّهْرِ لِلحُـبِّ شَافيَـا
وَعَهْدِي بِلَيْلَـى وَهْيَ ذاتُ مُؤَصَّـدٍ
تَـرُدُّ عَلَيْنَـا بِالْعَشِـيِّ المَـوَاشيَـا
فَشَبَّ بنُو لَيْلَـى وَشَبَّ بَنُـو ابْنِهَـا
وَأعْلاَقُ لَيْلَى فِي فُـؤَادِي كَمَا هِيَـا
إِذَا مَـا جَلَسْنَـا مَجْلِسـاً نَسْتَلِـذُّهُ
تَوَاشَوْا بِنَـا حَتَّـى أَمَـلَّ مَكَانيَـا
سَقَى اللهُ جَارَاتٍ لِلَيْلَـى تَبَاعَـدَتْ
بِهنَّ النَّوَى حَيْثُ احْتَلَلْـن المطَالِيَـا
وَلَمْ يُنْسِنِي لَيْلَى افْتِقَـارٌ وَلاَ غِنـىً
وَلاَ تَوْبَةٌ حَتَّى احْتَضَنْـتُ السَّوَاريَـا
وَلاَ نِسوةٌ صبَّغْـنَ كَبْـدَاءَ جَلْعَـداً
لِتُشْبِـهَ لَيْلَـى ثُـمَّ عَرَّضْنَـهَا لِيَـا
خَلِيلَـيَّ لاَ وَاللهِ لاَ أمْـلِكُ الَّـذي
قَضَى اللهُ فِي لَيْلَى ولاَ مَا قضَى لِيَـا
قَضَاها لِغَيْـري وَابْتَلاَنِـي بِحُبِّـها
فَهَلاَّ بشَـيْءٍ غيْـرِ لَيْلَـى ابْتلاَنِيَـا
وَخبَّـرْتُمَـانِـي أَنَّ تَيْـمَاءَ مَنْـزِلٌ
لِلَيْلَى إِذَا مَا الصَّيْفُ ألْقَـى المَرَاسيَـا
فَهَذِي شُهُورُ الصَّيْفِ عَنَّا قَدِ انْقَضتْ
فَمَا لِلنَّوَى تَرْمِـي بِلَيْلَـى المَرَاميَـا
فَلَـوْ أنَّ وَاشٍ بِـالْيَـمَـامَـةِ دَارُهُ
وَدَارِي بأَعْلَى حَضْرَ مَوْت اهْتَدَى لِيَا
وَمَاذَا لَهُـمْ لاَ أَحْسَـنَ اللهُ حَالَهُـمْ
مِنَ الحَظِّ فِي تصْرِيـمِ لَيْلَى حبَالِيَـا
وَقَدْ كُنْتُ أعْلُو حُبَّ لَيْلَى فلَمْ يَـزَلْ
بِيَ النَّقْضُ وَالإِبْـرامُ حَتَّـى عَلاَنِيَـا
فيَا رَبِّ سَوِّ الحُـبَّ بيْنِـي وَبَيْنَـهَا
يَكُـونُ كَفَافـاً لاَ عَلَـيَّ وَلاَ لِيَـا
فَمَا طلَعَ النَّجْـمُ الَّذي يُهْـتَدَى بِـهِ
وَلاَ الصُّبْحُ إلاَّ هيَّجَـا ذِكْرَهـا لِيَـا
وَلاَ سِرْتُ مِيلاً مِنْ دِمَشْـقَ وَلاَ بَـدَا
سُهَيْـلٌ لأِهْـلِ الشَّـامِ إلاَّ بَدا لِيَـا
وَلاَ سُمِّيَـتْ عِنْـدِي لَهَا مِنْ سَمِيَّـةٍ
مِنَ النَّـاسِ إِلاَّ بَـلَّ دَمْعـي رِدَائِيَـا
وَلاَ هَبَّتِ الرِّيحُ الجنُـوبُ لأِرْضِـهَا
مِنَ اللَّيْـل إلاَّ بِـتُّ لِلرِّيـحِ حَانِيَـا
فَإِنْ تَمْنَعُوا لَيْلَـى وَتَحْمُـوا بِلاَدَهَـا
عَلَيَّ فَلَـنْ تَحْمُـوا عَلَـيَّ الْقَوَافِيَـا
فَـأشْهَـدُ عِنْـدَ اللهِ أنِّـي أُحِبُّـهَا
فَهَذا لَهَا عِنْدِي فَمَـا عِنْدَهَـا لِيَـا
قَضَى الله بِالْمَعْرُوفِ مِنْـهَا لِغَيْرِنَـا
وَبِالشَّوْقِ مِنِّي وَالْغَـرَامِ قَضَـى ليَـا
وإنَّ الَّـذي أمَّلْـتُ يَـا أُمَّ مَـالِكٍ
أَشَابَ فُوَيْـدِي وَاسْتَـهَامَ فُؤَادِيـا
أعُـدُّ اللَّيَـالِـي لَيْلَـةً بَعْـدَ لَيْلَـةٍ
وقَدْ عِشْتُ دَهْـراً لاَ أعُـدَّ اللَّيَالِيَـا
وأخْـرُجُ مِنْ بَيْنِ الْبُيُـوتِ لَعَلَّنِـي
أُحَدِّثُ عَنْكِ النَّفْسَ بِاللَّيْـلِ خَالِيـا
أرَانِي إذَا صَلَّيْـتُ يَمَّمْـتُ نَحْوَهَـا
بِوَجْهِي وَإِنْ كَانَ المُصَلَّـى وَرَائِيَـا
وَمَا بِـيَ إشْـرَاكٌ وَلَكِـنَّ حُبَّـهَا
وَعُظْمَ الجَوَى أَعْيَا الطَّبِيـبَ المُدَاوِيَـا
أُحِبُّ مِنَ الأَسْمَاءِ مَا وَافـقَ اسْمَـهَا
أَوْ اشْبَـهَهُ أَوْ كَـانَ مِنْـهُ مُدَانِيَـا
خَلِيلَيَّ لَيْلَى أكْبَرُ الْحَـاجِ وَالْمُنَـى
فَمَنْ لِي بِلَيْلَى أوْ فَمَـنْ ذَا لَها بِيَـا
لَعَـمْري لَقَدْ أبْكَيْتِنِـي يَا حَمَامَـةَ
الْعقيقِ وَأبْكَيْـتِ الْعُيُـونَ الْبَوَاكِيَـا
خَلِيلَيَّ مَا أَرْجُو مِنَ الْعَيْـشِ بَعْدَمَـا
أَرَى حَاجَتِي تُشْرَى وَلاَ تُشْتَرى لِيَـا
وَتُجْـرِمُ لَيْلَـى ثُـمَّ تَزْعُـمُ أنَّنِـي
سَلْوْتُ وَلاَ يَخْفى عَلَى النَّاسِ مَا بِيَـا
فَلَـمْ أَرَ مِثْلَيْنَـا خلِيلَـيْ صَبَـابَـةٍ
أَشَدَّ عَلَى رَغْـمِ الأَعَـادِي تَصَافِيَـا
خَلِيلاَنِ لاَ نَرْجُو اللِّقـاءَ وَلاَ نَـرَى
خَلِيْلَيْـنِ إلاَّ يَـرْجُـوَان تـلاَقِيَـا
وِإنِّي لأَسْتحْيِيكِ أَنْ تَعـرِضَ المُنَـى
بِوَصْلِكِ أَوْ أَنْ تَعْرِضِي فِي المُنَى لِيَـا
يَقُـولُ أُنَـاسٌ عَلَّ مَجْنُـونَ عَامِـرٍ
يَرُومُ سُلُـوّاً قُلْـتُ أنَّـى لِمَا بِيَـا
بِيَ الْيَـأْسُ أوْ دَاءُ الهُيَـامِ أصَابَنِـي
فَإيَّاكَ عنِّـي لاَ يَكُـنْ بِـكَ مَا بِيَـا
إِذَا مَا اسْتَطَالَ الدَّهْـرُ يَا أُمَّ مَـالِكٍ
فَشَأْنُ المَنَايَـا الْقَاضِيَـاتِ وَشَانِيَـا
إِذَا اكْتَحَلَتْ عَيْنِي بِعَيْنِـكِ لَمْ تـزَلْ
بِخَيْرٍ وَجَلَّـتْ غَمْـرَةً عَنْ فُؤادِيَـا
فَأنْتِ الَّتِي إِنْ شِئْتِ أشْقَيْتِ عِيشَتِـي
وَأنْتِ الَّتِي إِنْ شِئْتِ أنْعَمْـتِ بَاليَـا
وَأنْتِ الَّتِي مَا مِنْ صَدِيقٍ وَلاَ عِـدى
يَرَى نِضوَ مَا أبْقيْـتِ إلاَّ رَثـى لِيَـا
أمَضْرُوبَـةٌ لَيْلَـى عَلَـى أَنْ أَزُرَهـا
وَمُتَّخَـذٌ ذَنْبـاً لَهَـا أَنْ تَـرَانِيَـا
إِذَا سِرْتُ فِي الأرْضِ الْفَضَاءِ رَأيْتُنِـي
أُصَانـعُ رَحْلِـي أَنْ يَمِيـلَ حِيَالِيَـا
يَمِيـناً إِذَا كَانَتْ يَمِيـناً وَإنْ تَكُـنْ
شِمَالاً يُنَازِعْنِي الـهَوَى عَنْ شِمَالِيَـا
هِيَ السِّحْـرُ إِلاَّ أَنَّ للسِّحْـرَ رُقْيَـةً
وَإنِّـيَ لاَ أُلْفِـي لَهَا الدَّهْـرَ رَاقِيَـا
إِذَا نَحْـنُ أدْلَجْنَـا وأَنْـتِ أمَامَنَـا
كَفَـى لِمَطَايَانَـا بِذِكْـرَاك هَادِيَـا
ذَكَتْ نَارُ شَوْقِي فِي فُؤَادِي فَأَصْبَحَتْ
لَهَا وَهَـجٌ مُسْتَضْـرَمٌ فِـي فُؤَادِيَـا
أَلاَ أيُّها الرَّكْبُ الْيَمانُـونَ عَرِّجُـوا
عَلَيْنَـا فَقَدْ أمْسَـى هَوَانَـا يَمَانِيَـا
أسَائِلكُمْ هَلْ سَـالَ نَعْـمَانُ بَعْدَنَـا
وَحُبَّ علينا بَطـنُ نَعْـمَانُ وَادِيَـا
أَلاَ يَا حَمَامَيْ بَطْنِ نَعْـمَانَ هِجْتُـمَا
عَلَـيَّ الـهَوَى لـمَّا تَغَنَّيْتُـمَا لِيَـا
وَأبكيْتُمَانِي وَسْطَ صَحْبِي وَلَمْ أكُـنْ
أُبَالِي دُمُوعَ الْعَيْنِ لَوْ كُنْـتُ خَالِيَـا
وَيَا أيُّهـا الْقُمْـرِيَّتَـانِ تَجَـاوَبَـا
بِلَحْنَيْكُـمَا ثُـمَّ اسْجَـعَا عَلِّلاَنِيَـا
فَإنْ أنْتُـمَا اسْتطْرَبْتُـمَا أَوْ أَرَدْتُمَـا
لَحَاقاً بأطْـلاَل الْغَضَـى فَاتْبَعَانِيَـا
أَلاَ لَيْتَ شِعْـرِي مَا لِلَيْلَـى وَمَا لِيَـا
وَمَا لِلصِّبَا مِنْ بَعْـدِ شَيْـبٍ عَلانِيَـا
أَلاَ أيُّهَا الْوَاشِـي بِلَيْلَـى أَلاَ تَـرَى
إلى مَنْ تَشِيهَا أَوْ بِمَنْ جِئْت وَاشِيَـا
لئِنْ ظَعَنَ الأَحْبَـابُ يَـا أُمَّ مَـالِكٍ
فَمَا ظَعَنَ الْحُـبُّ الَّذِي فِي فُؤَادِيَـا
فَيَا ربِّ إِذْ صَيَّـرْتَ لَيْلَى هِيَ المُنَـى
فَزِنِّـي بِعَيْنَيْـهَا كَمَـا زِنْتَـهَا لِيَـا
وإلاّ فَبـغِّـضْـهَا إلَـيَّ وَأهْـلَـهَا
فَإنِّي بلَيْلَـى قَـدْ لَقِيـتُ الدَّوَاهيَـا
عَلَى مِثْل لَيْلَى يَقْتُـلُ المَـرْءُ نَفْسَـهُ
وَإن كُنْتُ مِنْ ليْلَى عَلَى الْيَأْسِ طَاوِيَا
خَلِيلَـيَّ إِنَّ ضَنُّـوا بِلَيْلَـى فقرِّبَـا
لِيَ النَّعْشَ وَالأَكْفَانَ وَاسْتغْفِـرَا لِيَـا