مقاله علاء الأسوانى .. مصيبة فى كلية الآداب ..!

مقاله علاء الأسوانى (( جملة إعتراضية )) فى جريدة الدستور

بتاريخ 15 أكتوبر 2008

مصيبة فى كلية الآداب ..!


كان الدكتور رشاد رشدى رحمه الله ناقدا أدبيا كبيرا وأستاذا فى كلية الآداب ترقى فى سلك التدريس حتى وصل إلى منصب العميد .
وقد إستمعت إليه ذات يوم وهو يحكى أنه عندما كان طالبا فى الليسانس فى جامعة القاهرة كان يدرس المدارس الأدبية المختلفة على يد أستاذ إنجليزى , وكان هذا الأستاذ يساريا ماركسيا منحازا فى محاضراته لمدرسة الواقعية الإشتراكية فى الأدب ..
وكان الطالب رشاد رشدى على النقيض من أستاذه , منحازا لمفهوم الفن للفن , الذى يعتبر أن وظيفة الفن تحقيق الجمال بعيدا عن أى قضية إجتماعية أو سياسية .
وكان الصراع آنذاك محتدما بين المدرستين : الواقعية الإشتراكية والفن للفن ., وحان موعد الإمتحان ودخل رشاد رشدى ليمتحن أمام أستاذه الإنجليزى شفويا .. ولما سأله عن الواقعية الإشتراكية إنهال رشاد رشدى عليها بالنقد الشديد .. وظل الأستاذ يتابعه بإهتمام وهو يسفه فى الواقع أفكاره التى ألقاها على الطلبة فى محاضرات عديدة .. ثم شكره وصرفه ..
وظهرت النتيجة فإذا بالأستاذ الإنجليزى يعطى رشاد رشدى الدرجة النهائية .. وفرح رشاد رشدى لكنه إندهش وذهب للأستاذ شاكرا ومستوضحا فقال الأستاذ وهو يبتسم : إن وظيفتى هنا ليست أن أجعلك تفكر مثلى ولكن أن أعلمك كيف تفكر .. أنت لا توافق على آرائى .. نحن مختلفان حول مفهوم الفن .. لكنك إستطعت أن تدافع عن رأيك بمنطق علمى واضح مستقيم .. ولذلك فأنت تستحق الدرجة النهائية ..
هذه الحكاية الجميلة التى تبرز مفهوم التعليم الجامعى فى صورته المثلى .. تذكرتها هذا الإسبوع وأنا أقرأ رسالة وصلتنى من طالب فى قسم اللغة العربية فى كلية الآداب جامعة عين شمس .. سوف أحتفظ بإسم الطالب حماية لمستقبله .. هذا الطالب يهوى الأدب وهو يقرأ بحماس لكبار الأدباء العرب والغربيين ..
وقد إلتحق بقسم اللغة العربية ليدرس الأدب الذى يحبه ففوجىء بأن بعض الأساتذة فى القسم لديهم أفكار غريبة جدا عن الأدب والفن .. مما أصاب الطالب بحالة من الإحباط والتشكك من جدوى التعليم الجامعى من أساسه ..
وقد حكى الطالب فى رسالته وقائع غريبة عديدة لكننى سوف أختار بعضها .. فالدكتور أحمد هندى – أستاذ النحو واللغة فى القسم – يحاضر طلبته قائلا بالحرف :
(( أن الغرب لايريد من العرب والمسلمين إلا أناسا خائنين موالين له . شياطين ساعين إلى العبث بالإسلام والدعوة إلى الكفر والإلحاد .. وعلى رأس هؤلاء نجيب محفوظ الذى لم يعطه الغرب جائزة نوبل إلا لأنه إجترأ على الله وسلك طريق الكفر فى روايته – أولاد حارتنا - ))
وهكذا يعلن الأستاذ الجامعى على طلبته ببساطة , أن نجيب محفوظ كافر , أما الدكتور يوسف إدريس فإن الدكتور أحمد هندى قد أكد للطلبة أنه فى الواقع (( لم يكن سوى رجل فاسق مخمور فاسد ومعادى للدين ))
وهذه الآراء الغريبة ليست مقصورة على الدكتور أحمد هندى لكن يشاركه فيها زميله الدكتور إبراهيم عوض – أستاذ الأدب – الذى كرر نفس الكلام وأعلن كفر نجيب محفوظ أمام الطلبة .. بل إنه إستخدم لهجة أكثر حدة فقال للطلبة بالحرف : (( نجيب محفوظ دا كافر إبن كلب )) .
إن مايحدث فى كلية الآداب جامعة عين شمس كارثة حقيقية ..
إننى أفهم أن يقدم أستاذ الأدب وجهة نظر نقدية تحلل سلبا أو إيجابا أعمال نجيب محفوظ ويوسف إدريس وغيرهما من كبار كتابنا . أفهم حتى أن يشتد أستاذ الأدب فى نقد العمل الأدبى إلى أقصى حد , على أن يكون هذا النقد علميا وموضوعيا ....
أما أن يستغل أستاذ الجامعة منصبه ليشكك فى إيمان الناس ويتعرض لحياتهم الشخصية .. فهذا أبعد ما يكون عن الجامعة وتقاليدها .. أن يصف أستاذ جامعى نجيب محفوظ بالكفر ويوسف إدريس بأنه عدو الدين .....
فهذا تصرف شاذ ومنطق فاسد قد نتوقعه من شخص من العامة فإذا إرتكبه أستاذ جامعى فتلك كارثة حقيقية ..
إن نجيب محفوظ هو الأب الأكبر للرواية العربية , هو الذى أسس الرواية العربية الحديثة وهو الذى طورها بنفسه على مدى أربعين عاما ..وهو من أهم الروائيين فى تاريخ الأدب على الإطلاق .. وقد تأخرت عليه جائزة نوبل طويلا لأنه عربى وهى بالإساس جائزة غربية .. ولو كان نجيب محفوظ كاتبا غربيا لحصل على نوبل بعد أن أتم ثلاثيته الخالدة , ولو أن الأستاذين الجامعيين حاولا أن يعرفا نظام جائزة نوبل لخجلا من إدعائهما , فجائزة نوبل لا تمنح على عمل واحد وإنما على مجمل أعمال الكاتب .. كما أنه لا يحق للدكتور أحمد هندى ولا الدكتور إبراهيم عوض , ولا لأى شخص أن يتهم نجيب محفوظ بالكفر .. لأن الله سبحانه وتعالى هو الذى سيحاسبنا وهو لم يفوض بعض أساتذة آداب عين شمس ليحاسبونا على إيماننا .
إننى أكتب هذا المقال ليس لأستعدى الإدارة على الأستاذين أحمد هندى وإبراهيم عوض .. وإنما لأدعوهما إلى مناظرة علنية على صفحات الدستور ..
إذا كان الكلام الذى ورد فى رسالة الطالب لم يحدث , فأنا مدين لهما بإعتذار ..
أما إذا كان قد حدث ( وهذا أغلب الظن للأسف ) فإننى أسألهما : كيف تستعملان العمل الأدبى للتحرى عن عقيدة الكاتب الدينية .. وكيف تحاكمان الكاتب على خياله ..؟
إن هذا الأسلوب خارج عن مدارس الأدب جميعا .
هل يجوز أن نقيم كاتبا كبيرا مثل يوسف إدريس على قاعدة إن كان يشرب الخمر أم لا ؟
وهل يدخل هذا فى إختصاص ناقد الأدب ؟
ومن أين عرفتما أنه كان يشرب الخمر ..؟
وماذا يخصكما فى ذلك ..؟
ما علاقة ذلك بإنتاجه الأدبى ..؟
وما علاقة هذا الكلام بالنقد الأدبى .؟
وما علاقة كل ذلك بكلية الآداب .؟
إننى فعلا حزين ليس من أجل نجيب محفوظ ويوسف إدريس فهما عملاقان أدبيان حصلا بجدارة على تقدير العالم كله , وبالتالى لا يحتاجان إلى شهادة من الدكتور أحمد هندى والدكتور إبراهيم عوض أو سواهما ..
أنا حزين من أجل الطلبة الذين إلتحقوا بقسم اللغة العربية ليتعلموا كيف يتذوقون الأدب وكيف يقيمونه , ليتعلموا قواعد البحث العلمى وحرية الفكر .. فإذا بنا ننهال على أدمغتهم الصغيرة بهذا الهراء ..
الذى سيئودى بهم إلى التشوه الفكرى والجهالة والتطرف .
وبعد .. فقد وجدت من واجبى أن أنبه الرأى العام إلى مايحدث فى قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة عين شمس ..

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]

بصراحة .. قلبي محروق على ما يحدث ...


بودي أن اعلق و لكن ... لدي كلام كثير يثور في أرجاء عقلي و يدي و عيناي و قلبي !


سأحاول تنظيمه في طوابير - سطور- منتظمة .. و لي عودة



حسبي الله و نعم الوكيل !!


كل ما استطيع قوله الان ..


كم أتمنى ... كم اتمنى .. ان يدع هؤلاء الخلق .. للخالق !

و النعيم و الجحيم .. يتركونها لشأنها .. و لله سبحانه يضع فيها من يشاء !

طموح الأمل كتب:

ماحدث لايحدث فقط في كلية الاداب عين شمس ولا فقط في قسم اللغه العربية وانما يحدث في جميع كليات مصر العلمية والادبية
هناك مجموعه من الناس دائما تكون اجمل هواياتها النقد الهادم والبحث عن عيوب الناس والمجاهره بها مع عدم شكرهم على ما اضافوه للعلم وللدوله فمثلا نجيب محفوظ ايا كانت اخطائه وعيوبه فهو كاتب قدير اضاف كثيرا للرواية المصرية وفي نظري هوا ارفع من مايقال عنه اما عن الكفر وشرب الخمور فالله وحده هوا من يحاسب بها ان كانت موجوده اساسا
وليس لبشر الحكم فيها

كما قلت سيادتكم فان نجيب محفوظ عملاق ليس فى حاجة الى من يدافع عنه و لكني أنا في حيرة من أمري .
اجد نفسي مشدودا للرأي الذي يُجَرِّم المبدع
الذي يدعو للفضيلة في أعماله وهو غارق بالرذيلة حتى اذنيه .
لكن , ربما يساهم خيالنا برسم صورة مغايرة للواقع نتيجة ما أوحي لنا
من قِبَل بعض المُحَرِّضين المُتَزَمِّتين . فهل ممارسة بعض العادات , البريء منها
والذي يُمارس كهفوة قابلة للتعديل . أو أخرى مدانة بعرف البعض , ومقبولة لآخرين
يعتبر رذيلة تستوجب قذف صاحبها بألفاظ لا تليق . وربما يصدر بحق مَنْ مارسها
حكما يصل بحده الأعلى للتكفير أوهدر الدم ؟
وما هي الصلة بين المُبْدَع والمُبْدِع ؟ ربما هي الشعرة التي تقصم ظهر البعير
اذا كان في نِيَّتة الخداع . فيخدع نفسه اولا . عندها يخرج من دائرة الإبداع .
بالتاكيد كل انسان حر فيما يعتقده ولكنه ليس حرا فيما يفعله بدليل ان القانون وليس الدين فقط يعاقب على الزنا وعلى شرب الخمر وانا لااتحدث من منظور دينى فقط ولكن اخلاقى ايضا, اعنى انه ليس من الاخلاق ان تخدعنى ككاتب وتدعونى فى كتبك الى الجمال والفضيلة بينما انت لا تستطيع تطبيق افكارك عمليا
هناك كاتب كبير معروف تجد كتبه بها جزء كبير عن المرأة ويتحدث عنها كأنه خبير بها وهو فى الحقيقة تزوج وطلق ثلاث مرات بمعنى انه فشل فى التعامل معها فكيف اثق فى افكاره التى يكتبها عنها
مثل ذلك كثير وما اتمناه فعلا ان يعيش الكاتب فكره لا ان يقول لنا شئ وهو يفعل شيئا اخر .




شكرا للمرور ...