تابع الاجتماعات !
**********************************
مرحبا يا رفاق .. الفيلسوف يمنحكم ابتسامة مضيئة كالعادة .. مرة أخرى أسرد وقائع اجتماعاتنا البائسة .. ما هو تعداد اجتماع اليوم ؟
إنه الرابع ..
كيف اجتمعنا ؟ لا أدري حقا ..
من الواضح أن آثار العلقة المائية التي منحنا إياها شاطئ ستانلي في نهاية الاجتماع الثالث مازالت باقية بفعالية .. لازالت كيوت كات تشعر بآلام في رأسها و لا يزال الجبس متماسكا على قدم محمد السيد .. فقط عرفت أن عاشقة الإسكندرية أصبحت بخير الآن .. إنها حقا أخبار سارة ..
لكنني مازلت مصراً على السرد حتى لو كان ذلك آخر عمل في حياتي ( كما يقول شرشبيل ) .. لابد أن تتعرف الأجيال القادمة على اجتماعات أعضاء منتدى الإسكندرية الرائعة ، وإلا قل لي بالله عليك كيف سيتعلم الناس الطرق المثلى للصراخ والزعيق و شد الشعر و الغرق و تكسير الطاولات الرخامية بالمطارق البولندية ؟
على أنني لم أكن أتوقع أبداً أن يكون الاجتماع الرابع بهذه الكيفية الغريبة .. أرجو منكم _أصدقائي _أن ترهفوا آذانكم جيدا لأن اللحن الفلسفي الخالد سوف يعزف بعد قليل .. نعم ، أرجو أن تنتبهوا بتأمل لأن اللسان الثرثري القادم من أغوار السرد الغابرة سوف يحدث عقولكم مباشرة .. إستمعوا إلي لأن ملحمة الإجتماع الرابع سوف تبدأ بعد سطر واحد !
**********
( Cute cat )
تردد هذا الاسم في ذهني عدة مرات وأنا أواجه صفعات الهواء المنعشة في الترام ..
كنت أفكر في ترجمة هذا الاسم : قطة لطيفة .. والواقع أنني لم أدر لم يفضل كثير من الناس أن يختاروا أسماء متحذلقة كهذه للدلالة على ذواتهم .. كيوت كات و لزيزا كريزي وديبو و بلاك فنج وغيرهم .. أعرف أحمقا سخيفا يسمي نفسه فيلسوف الغبرة .. لم سمت مثلا لزيزا نفسها بلزيزا ؟
الإجابة هي البساطة ذاتها : إنها تظن نفسها ظريفة وبالمثل تظن كيوت أنها لطيفة .. دهب يظن نفسه معدنا ثمينا في حين يظن فيلسوف الغبرة أنه أحد عباقرة الكآبة .. فقط لم أفهم معنى بلاك فنج أساسا حتى أفهم سبب التسمية .. إن مستوى جهلي بالإنجليزية مخجل حقا ..
لكن الشيء الذي أعرفه تماما وأحفظه عن ظهر قلب : هو أنني أكره هؤلاء جميعا ! ..
نعم .. لقد سببت لي اجتماعاتهم نوعا من القلق النفسي المزمن .. لابد دائما أن تفجأ بمصيبة حتمية في نهاية كل اجتماع يعقده هؤلاء الناس .. خصوصا ليتل كوين تلك التي لا تحفظ إلا (ألوي وجهي مقلدا) اكشفو المستور ، اكشفو المستور ..
مع ذلك ظللت جالسا في مرح أرقب مئات الأشياء التي تمر في سرعة متنعما بالسعادة الحقيقية : ما أجمل الحياة دون هؤلاء القوم ! ..
الحقيقة أن نافذة الترام بالنسبة لي هي شاشة عرض سينيمائية حية .. فيها تولد ألاف الوجوه التي ترمقها في فضول بدءا من أول النافذة وتتلاشى في آخرها لتتحول إلى مجرد ذكرى عابرة .. ما يجعل الموضوع ممتعاً أن ذلك يرافق هبوباً صافعاً من الرياح الباردة التي تنعش روحك ذاتها قبل أن ينتشي صدرك وأنفك انتعاشا .. هل جربت روعة هذا الشعور ؟
لذلك أنا سعيد حقاً .. لقد تجمعت لي عوامل السعادة الرائعة كلها .. أنا ذاهب لأرسم في قصر التذوق و أستنشق الآن عبير نسمات الشتاء الباردة و تخلصت نهائيا من أي اجتماعات كارثية .. لم يعد دهب يتصل علي لأنني لم أعد أمتلك تيليفونا أساساً .. لقد تخلصت منه في أقرب حاوية نفايات بمجرد انتهاء الاجتماع الثالث .. أنا الآن سعيد ولا ينغص حياتي أي مساتير يراد لها أن تكشف ..
هنا وجدت الجالسة أمامي تزيل نظارتها وشالها لتقول في مرح : فيلسوووف .. إزيك ؟ مفجأة مش كده ؟ يلا إحنا حنبدأ الاجتماع الرابع ..
إنها بلاك فنج !!!!!!!!!!!
********
( عندما ينتهج الإنسان طريقة التعاسة ، فإنه سيكتشف حتما في يوم من الأيام أن السعادة كنز لا يقدر بمال !! )
عبدالوهاب إبراهيم
من دفتر الثانوية العامة
**************
( آآآآآآآآآآآآ !! )
أصرخ .. أصرخخخخخ
و أبكي ، أبكيييييييييي ..
بلاك فنج ( ترفع يدها مهددة بالقتل ) : أششششش ..
سكت تماما ..
بلاك فنج ( تفرقع أصابعها بحركة مسرحية ) : أمان !
( الرجل الجالس جواري يزيح شاله ليكشف عن وجه يشبه دهب تماما ، توالت الفتوحات الإسلامية لأكتشف خمس وجوه تنظر لي في براءة باسمة : )
قلت بصعوبة : أنتم هنا من البداية !
دهب : بالضبط ..
( أصبت بالخرس الدائم )
كيوت كات : يلا نبدأ الاجتماع وكفاية تضييع وئت ..
محمد السيد : أنا لا أقبل ولا أسمح بالتغافلات الإدارية .. عشرات المواضيع المخلة تكتب بدون متابعة .. أنا لااا أقبل .. لااااا ..
ميمو : يعني إيه متابعة ؟
دهب : ماركة حلل .. ماتخدش في بالك ..
بلاك فنج : كيوت هيا السبب ..المفروض إننا أدارة مع بعض وهيا مش متابعة معايا أي حاجة ..
كيوت : نعم نعم يا اختي ! لا لا لا صح صح ، أنا اللي نايمة وانتي اللي شغالة ..
عاشقة : يا جماعة الحوار لازم يكون أرقى من كده ..
محمد السيد : أنا لا أسمح .. لااااااااااااااااااااا ..
هنا أحسست أن وعيي يتسرب مني ..
( مازال محمد لا يقبل ولا يسمح ، ومازال وعيي يتسرب مني ..)
لقد فقدت الوعي فعلا !
*********
ألهو مع الدجاج في حصة الفيزياء و المحاليل الكاوية انسكبت على يدي لتحفر اسم حبيبتي على ذراعي ، بينما يغط مايكل في نوم عميييييق .. إسلام يرفض أن يصحوا .. هل أصحو أنا ؟ هل ..
************
صحوت على صوت بلاك فنج :
أنا خلاص زهئت .. أنا شكلي حسيبهالكو أساسا ..
ميمو : أنا عاوز أغني !!
دهب : ماشي ..
ميمو : دئيئة حداد دئيئة حدااااااد .. حداااااااااد
محمد السيد : أنا لا أسمح ..
كيوت كات : ممكن تسعدنا بسكوتك شوية ؟
محمد : أصلا إنتي اللي خارباها ..
دهب ( في كياسة ) : وطي صوتك شوية يا ميمو .. الترام مش نائص انهيارات !
عاشقة : بس يا ميمو .. كفاية ..
ميمو : دئيئة حداااااااااااا
هنا فقدت الوعي مرة أخرى ..
*********
عبير الشتاء البارد يتسلل إلى أنفي وأنا أرسم وجه وزير الثقافة بينما لاتزال زوجته نائمة بعمق .. هناك مهرج يبيع الاستاكوزا على رأسي لكنني لا أريد أن أنام .. أريد أن أصحو .. أصحو ..
**************
صحوت على مصيبة :
ليتل كوين بدأت التكسير المعتاد بالمطرقة البولندية العتيده : إكشفو المستووووووووووووووووررر ...
( طراخ بوم كراشششش )
دهب : انبطحواااااااا ...
احتمى الجميع كيفما اتفق عداي ..
كنت أنا أتأمل الوضع في تعجب ..
الواقع أنها تمتلك لياقة غريبة ..
وإلا كيف تستطيع أن تحمل كل هذه المطرقة وتهوي بها في حركات معقدة على الكراسي والقوائم المعدنية بهذه السلاسة ..
ميمو : دئيئة حداااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااد
ليتل كوين : إكشفو المستووووووووووووووووووووورر !!
هنا مرت المطرقة من فوق رأسي بمليمترات قليلة وشعرت بهواء المرور فوق شعري ..
(ابتلعت ريقي حامدا .. لو أن المطرقة انخفضت قليلا لتحول رأسي إلى لحم مفروم ناعم جدا ) ..
ليتل : إكشفو .. إلخ ..
هنا قررت أن أنهي المسألة بنفسي ..
صدمت رأسي بحافة الكرسي لأفقد وعيي بإرادتي هذه المرة ..
*************
( في بعض المناسبات يكون الموت مفيدا فعلا !! )
عبدالوهاب إبراهيم
خلف كتاب الأحياء
*************
هذه المرة صحوت على لا شيء .. الكل متعب ومسجى على كرسيه في إرهاق ... حتى ليتل كوين .. استقرت على كرسيها وبجوارها مطرقتها العملاقة و هي تلهث من فرط الإرهاق ..
نهضت في راحة و هندمت ملابسي في بساطة .. نظرت لهم في بساطة .. تخطيت أرجلهم في بساطة ..
بلاك فنج : .. على .. ف.. فين .. ؟
: إلى الحمام !
دهب : مافيش حمام في الترام ..
قلت في بساطة : في حمام ..
ثم ابتعدت في بساطة .. وصلت إلى الباب المفتوح في بساطة ..
رميت نفسي من الترام في بساطة ...
*************
متمددا في قبري أستمتع بعصير الموتى تحت أشعة شمس الظلام .. وبين يداي صحيفة الأهرام أقرأها باستمتاع .. هناك خبر عن تحطم أحد الترامات في محطة الرمل وموت من فيها جميعهم ..
( أه .. إنها أخبار الأحياء )
هناك أيضا قصيدة لسيد هريدي أحد أدباء المقبرة .. وهناك تحليل رائع لزميلي في القبر المجاور دكتور عبدالسلام مخلوف ..
( هل قرأت شيئا عن تحطم الترامات ؟ )
فعلا ما أجمل الحياة ( أعني الحياة البرزخية ) دون محمد السيد ودون بلاك فنج ودون دهب ..
أنا في غاية السعادة ..
أنا سعيد حقا ..
أنا سأموت من السعادة .. أنا ..
هنا سمعتهم يحفرون فوق .. لا بد أن زملاء جدد قد وصلو ليستلموا أماكنهم الجديدة ..
مؤكد سوف أصادقهم ..
ولكن كيف ماتو يا ترى ؟ هلرموا أنفسهم من الترام مثلي؟
( أطلت برؤوسها سبعة أرواح بعد أن اخترقت بشفافيتها جدار القبر .. )
قال إحداها : إكشفو المستووور !
***********************************