الطريق إلى السعادة )فهم الناس من خلال قيمهم
إن النجاح فهم طباع الناس أمر في غاية الأهمية والفشل فيه يؤدي إلى الاضطراب نفسياً واجتماعياً ووظيفياً
لسنا هنا بصدد الحديث عن القيم لان الحديث عنها واسع ومفصل ولكننا سنركز على أحد التصنيفات الذي يمكن استخدمه كوسيلة لفهم طباع الناس والتنبؤ بسلوكهم والقدرة على التعامل معهم من خلال هذا الفهم ، ففهم طباع الناس صغاراً أو كباراً ، نساءً أو رجالا وبمختلف تخصصاتهم ومواهبهم أمر مهم للغاية للنجاح الاجتماعي والتوافق النفسي والاجتماعي والقدرة على القيادة حيث يحتاج هذه القدرة قادة المؤسسات التربوية والعسكرية والاقتصادية التجارية ويحتاجها الإنسان العادي لأن من لا يستطع فهم الآخرين يفشل ويضطرب نفسياً واجتماعياً ووظيفيا.
والأسئلة الهامة المطروحة هنا هي : ماذا نعني بفهم الطبيعة البشرية ؟ و هل لدى الناس عموما قدرة على فهم الآخرين ؟ وما الأخطاء الشائعة في فهم للآخرين ؟ وكيف يمكن فهمهم بصورة أفضل ؟
هنا يوجد مفهوم يسمى الذكاء الاجتماعي ويعني قدرة الفرد على فهم الناس من حيث ماذا يحبون عموما ؟ وماذا يكرهون ؟ و ما الأشياء التي تهمهم ؟ وما الأشياء التي تزعجهم ؟ والتعرف على اهتمامات الأفراد من حيث جنسهم ذكوراً و إناث وأعمارهم كباراً وصغار ومن خلال هذا الفهم يسهل التعامل معهم وكسبهم وإرضائهم ، و بالطبع ليس لدى الناس قدرة كاملة على فهم الطبيعة الإنسانية وإنما جزئية في كل الأحوال وتختلف هذه القدرة من فردٍ إلى آخر حسب القدرة العقلية العامة وحسب درجة الثقافة ونوع التعليم ودرجته وكذلك الخبرات الخاصة والمهن والأعمار فالكبير أكثر قدرة من الصغير والذكي اكثر من الأقل ذكاءً ، والمتعلم أكثر من الجاهل والبياع أكثر من موظف الإرشيف والقائد أكثر من المقود .
وفهم الآخرين لدى غير المتخصص في علم النفس عادة ما يكون جزئي أي قد يركز الشخص على سلوك معين أو مهارة محددة اكتشف قيمتها من خلال نجاحه في كسب مجموعة من الأشخاص فقام بتكرارها ولكن هل هذه السلوكيات أو المهارات هي الوحيدة ؟ وهل تصلح لكل الأفراد ؟ هنا يبرز خطأ شائع وهو التعميم ، حيث لا يدرك بعض الناس الفروق الفردية بين الناس ويعتقد أن كل الناس سواء .
إذاً كيف نفهم الآخرين ؟ أيضا الحديث هنا لا يتسع لكل ذلك ولكن يمكن الحديث عن كيفية فهم الناس والتنبوء بسلوكهم وسهولة إقناعهم من خلال التعرف على قيمهم وهنا سوف نركز كما أسلفت على أحد التصنيفات للقيم المتعلقة بهذا الموضوع وهو تصنيف سبرانجر حيث صنف هذا العالم الألماني الناس في كل مكان وفي كل زمان إلى ستة أنواع حسب ما يحملونه من قيم وهذه القيم هي القيم الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والجمالية والعلمية وهذه القيم الست توجد لدينا جميعاً ولكن بتفاوت أي تترتب هذه القيم الست لدى الناس ترتيباً هرمياً حسب أهميتها ، فعلى سبيل المثال و في الحالات المتطرفة تحتل القيمة الدينية المرتبة العليا لدى علما الدين بينما تحتل القيمة الجمالية المرتبة العليا لدى الفنانين ، وتحتل القيمة الاجتماعية المرتبة العليا لدى المصلحين الاجتماعيين ، والسياسية لدى القادة ، والعلمية لدى العلماء ، والاقتصادية لدى رجال الأعمال .
ومما سبق يمكن أن نقول أن القيمة التي تحتل قمة الهرم القيمي لدى الفرد هي القيمة التي تتحكم بسلوكه فهي معيار ودافع للسلوك ، وبالتالي إذا عرفنا القيمة التي تحتل الأهمية العليا لدى سلم الفرد القيمي نكون قد استطعنا التعرف عليه أكثر واستطعنا التنبؤ والتحكم في سلوكه إلى حدٍ ما ، وبعبارة أخرى نستطيع التعامل معه وكسبه ونيل حبه ورضاه عنّا بسبب فهمنا لقيمه المركزية والتي تعبر عن اهتماماته واتجاه تفكيره ورغباته . ومن خلال ترتيب القيم الست لدى الأفراد فإن الناس يصنفون إلى ستة أصناف حسب القيم التي تحتل المرتبة العليا في سلمهم القيمي وهم كالتالي :
الشخص الروحاني :
وهو ذلك الذي تحتل القيمة الروحية قمّة سلّمه الهرمي وتتحكم في سلوكه من حيث اهتمامه واتجاهاته وإدراكه وتعتبر معياراً يقيس تصرفاته بها ، ومدخلاً لقناعاته ، ودافعاً لسلوكه .
فهو بصورة عامة عادةً ما يكون متدّين وينصب تفكيره في التأمل في الكون والخلق والخالق وقدرته ، ومعيار سلوكه الأول الحلال والحرام ، فيتوقف عن عمل شيء إذا قلت له إن هذا الشيء حرام ، كما أنه يميل لمصادقة المتدينين ، ويختار شريكة لحياته المرأة المتدينة .
الشخص الاقتصادي :
وهو ذلك الذي تحتل القيمة الاقتصادية قمّة سلّمه الهرمي وتتحكم في سلوكه ،فهو بصورة عامة عادةً ما يكون من رجال الأعمال وينصب تفكيره على الربح والخسارة ، ومعيار سلوكه الأول الفائدة ، فيتوقف عن عمل شيء إذا قلت له إن هذا الشيء غير مفيد ، كما أنه يميل لمصادقة من يستفيد منهم ، وغالباً ما يختار شريكة لحياته المرأة الغنية .
الشخص السياسي :
وهو ذلك الذي تحتل القيمة السياسية قمّة سلّمه الهرمي وتتحكم في سلوكه ، فهو بصورة عامة عادةً ما يكون من رجال السياسة والقادة وينصب تفكيره على القوة والسيطرة والمركز ، ومعيار سلوكه الأول القوة ، فيتوقف عن عمل شيء إذا قلت له إن هذا الشيء سيضعف مكانتك ويقلل من هيبتك ، كما أنه يميل لمصادقة ذوي المراكز والسلطة ، وغالباً ما يختار شريكة لحياته المرأة التي تنتمي لأسرةٍ ذات حسب ونسب .
الشخص الاجتماعي :
وهو ذلك الذي تحتل القيمة الاجتماعية قمّة سلّمه الهرمي وتتحكم في سلوكه ، فهو بصورة عامة عادةً ما يكون من المصلحين الاجتماعيين وقد يكون مدرساً أو مرشداً نفسياً ، وينصب تفكيره في الاهتمام بالناس فهو يحبهم ويعتبرهم غاية في حد ذاتهم ، ومعيار سلوكه الأول هو الناس ، فيتوقف عن عمل شيء إذا قلت له إن هذا الشيء لا ينال رضا الآخرين أو يضايقهم ، كما أنه يميل لمصادقة كل الناس والأخص منهم (الطيبين )، وغالباً ما يختار شريكة لحياته المرأة حسنة التعامل مع الناس والطيبة .
الشخص الجمالي :
وهو ذلك الذي تحتل القيمة الجمالية قمّة سلّمه الهرمي وتتحكم في سلوكه ، فهو بصورة عامة عادةً ما يكون من الفنانين وينصب تفكيره واهتمامه بالأشكال والتناسق والجمال بصورةٍ عامة ، ومعيار سلوكه الأول الجمال ، فيتوقف عن عمل شيء إذا قلت له إن هذا الشيء غير جميل أو قبيح ، كما أنه يميل لمصادقة المتأنقين ومن يتعلق بهم الجمال بشكلهم أو حياتهم ، وغالباً ما يختار شريكة لحياته المرأة الجميلة .
الشخص العلمي :
وهو ذلك الذي تحتل القيمة العلمية قمّة سلّمه الهرمي وتتحكم في سلوكه ، فهو بصورة عامة عادةً ما يكون من العلماء وينصب تفكيره على ماهية الأشياء وتركيبها ومسبباتها ، ومعيار سلوكه الأول العلم والدليل والبرهان العلمي ، فيتوقف عن عمل شيء إذا قلت له إن هذا الشيء غير منطقي أو غير مقنع ، كما أنه يميل لمصادقة العلماء والمثقفين ، وغالباً ما يختار شريكة لحياته المرأة المثقفة .
ومما سبق يتضح أنّ الناس ليسوا سواء ، وفي هذا المقال صٌنفّوا نسبياً إلى فئات حسب قيمهم ، وبالتالي لكي نستطيع فهم اهتماماتهم واتجاهاتهم وتفكيرهم ومداخلهم وكيفية التعامل معهم التعامل الذي يكسبنا حبهم وتأييدهم ، وطريقة إقناعهم علينا التعرف على القيمة التي تحتل قمّة هرمهم القيمي ، وبعبارةٍ أخرى التي تحتل مكانة هامة لديهم ، وبالنسبة لمجتمعنا اليمني فإن القيمة السائدة هي القيمة الروحية فالدين يأخذ المدخل الرئيسي للشخصية اليمنية ، ومن يتعامل بما يناقض هذا الجانب فإنه يتصادم مع أفراده ولا يستطيع التوافق ، ويؤكد ذلك الدراستان التي أجريتها على طلبة الجامعة وهو يتفق في تخصيص الرسول الكريم (ص) لذات الدين في الحديث الشريف :
"تنكح المرأة لأربع لجمالها ومالها ونسبها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " صدق رسول الله