الفارس مهندس بيشارك كويس
عدد المساهمات : 123 تاريخ التسجيل : 03/11/2007 رقم العضوية : 193 Upload Photos :
| موضوع: مثل شعبي(الطريق الي السعادة) الأحد 9 مارس - 21:51 | |
| مثل شعبي وعلاج نفسي الحلقة الأولى ( السعيد من اعتبر بغيره ) هذه أولى الحلقات التي ستتسلسل إنشاء الله حيث ستتضمن كل حلقة من الحلقات مثلاً من الأمثال الشعبية وشرح معناه ثم الحديث عن فوائده في العلاج النفسي بفكرة مبسطة، ولأن هذه هي الحلقة الأولى لا بد لي أن أتقدم بتمهيد بسيط عن الأمثال وأهميتها، وفي البداية أحب أذكر أن ما دفعني للاهتمام بهذا الموضوع هو مثل كنت اردده في ظرف قاس كنت أمر به وهو: ( على الباغي تدور الدوائر ) حينما كنت اشعر بألم الظلم وجبروت الظالمين، فكنت انتظر متى ستدور الدوائر على الباغين إلى أن دارت، وهذا ما جعلني أطلب من طلبتي كتابة أمثال شعبية تخفف من توترهم النفسي في لحظات القلق والضيق ولأتعرف على الأمثال السائدة لدى الشباب وكذلك التعرف على ما إذا كانت الأمثال تختلف لدى الإناث عن الذكور وغيرها من المتغيرات.وقبل الحديث عن مثل الحلقة أحب أوضح أن المثل الشعبي هو مقولة متكررة على السنة الشعوب بعبارة خفيفة وغالبا ما تكون موزونة أو مقفاة بكلمات قليلة بلهجة شعبية تحمل معنى كبير يتكرر في حياة الناس فيستخدم للعضة والعبرة والنصح وغالبا ما يكون المثل ناتج عن تجربة معينة أو حادثة معينة ثم تعمم بكلمات قليلة ليستفيد منها الآخرون، وكلما تكرر المثل على الألسن كلما كان أكثر تعبيرا على صدق ما يحتويه وعلى شدة الحاجة التي يعبر عنها وانتشارها، ونلاحظ أن الأمثال موجودة لدى جميع الشعوب ومختلف الثقافات كما أن الأمثال تتكرر بنفس المعنى في ثقافات مختلفة وإن اختلفت اللغة أو الألفاظ لأنها تعبر عن تجربة إنسانية لما هو مشترك بين الناس من مشاعر وأفكار وسلوكيات متعددة فالإنسان يتعرض للخيانة في كل مكان ويقع في فخ الثقة العمياء ويقع في الخسارة نتيجة التشدد والتحذلق أينما كان، وعلى سبيل المثال التطرف يؤدي إلى وقوع الفرد في الخطأ فإذا أكثر الإنسان من كلامه وأصبح ثرثاراً فان قيمته بين الناس تقل فنقول: ( من كثر هداره قل مقداره ) وهذا السلوك ليس حكراً على شعب من الشعوب إنه يخص كل إنسان مهما اختلفت ثقافته أو لغته واكتفي بهذه المقدمة التوضيحية لكي لا يتحول المقال الذي ابغي أن يكون خفيفا إلى كلام نظري جاف وأعود إلى مثل الحلقة وهو: ( السعيد من اعتبر بغيره ). ويعني أن الإنسان الذي يستفيد من تجارب الآخرين لا يقع في الخطأ الذي وقعوا فيه إن كانت التجربة التي استفاد منها أودت بأصحابها إلى الهلاك أو ضرتهم بصورة ما والنتيجة أن لا يتألم كما تألموا وبالتالي يكون سعيداً وبالمثل إن كانت تجربة ما جعلت أصحابها سعداء فانه سيستفيد منها ويفعل كما فعلوا ويسعد كما سعدوا وأما الذي لا يستفيد من تجارب الآخرين فانه إذا مر بموقف ما فانه سيسلك سلوكا خاصاً به لمعالجة الموقف قد يكون عن طريق المحاولة والخطأ أو باستخدام تفكير ناقص فقد تكون النتيجة وقوعه بنفس الخطأ الذي وقع فيه آخرون ولم يستفد منهم.انظر عزيزي القارئ كيف كان الحديث عن مثل مكون من أربع كلمات بخمسة اسطر وبهذا ندرك كيف كان المثل إشارة وتلميح وتكثيف لمعن كبير وحديث طويل وخلاصة لقصص وحوادث يذكر في لحظات قصيرة ليتذكره الشخص بسرعة الرصاصة وبألفاظ جميلة وممتعة فتفتح له معاني كثيرة وتكون النتيجة هي الارتياح من خلال ما يحمله المثل من مواساة أو نصح أو غير ذلك.ومثلنا الحالي يحمل معنى إرشادي عظيم إن فسر تفسيرا صحيحا فإذا اقتنع أي شخص بهذا المثل وعمل به ودرب نفسه على الاستفادة منه عن طريق ملاحظة وتأمل تجارب الآخرين والاستفادة منها لأصبح إنساناً خبيرا بالحياة من خلال تقييمه لخبرات الآخرين تلك الخبرات التي يراها بعينية ويسمعها بأذنه ويقرأها في تاريخ البشر فيكون قد اختصر تجارب الكثير وكأنه عاش مئات السنين عكس من يمر بخبرات محدودة بنفسه فقد يعرض نفسه للخطر وللخطأ ولسوء التوافق الاجتماعي والنفسي من جرا هذه الأخطاء التي يقع فيها بسبب قلة خبرته في الحياة لأنه إنسان يرى خبرات الآخرين وكأنه لا يراها، وهذا المثل يرتبط بأمثال كثيرة فمن يتأمل تجارب الآخرين سيعرف على سبيل المثال أن ( الدهر هبة بهبة ) من خلال مشاهدته أن الكراسي التي كانت تحمل أصحابها أصبحت تحمل أشخاصا آخرين، وأن هناك أناس كثيرون تآمروا على أخوتهم وكانت النتيجة أنهم أصبحوا هم الخاسرون ( على الباغي تدور الدوائر ) وأن الناس الذين يكذبون يكشفون مهما طالت الكذبة ( من اصطبح بكذبة ما تغدى بها ) والنتيجة أنهم يلامون ويعاقبون، وهكذا فالحديث يطول والحياة مليئة بالتجارب فلا داعي لأن نكثر من الحديث التافه ونتكلم ولا نسكت حتى يملنا الآخرون ونتعلم أن الثرثرة تجعل الآخرين ينفرون منا بل ربما نجد أن الآخرين قد نفروا منا بسبب ثرثرتنا ولا نعرف.وخلاصة القول لكي نكون سعداء من خلال هذه المثل علينا أن نتأمل تجارب الآخرين وندرب حواسنا وعقولنا على عملية التأمل والتقييم والربط الصحيح فتكون شخصيتنا نبيهة ومتيقظة فنتعلم من أخطاء غيرنا وكذلك نستفيد من تجاربهم التي قادتهم إلى النجاح في شيء ما ولكن علينا أن نقيم تلك التجارب بحذر دون ربط السبب لغير المسبب.فهل ستختصرون الزمن ؟ | |
|