الفارس مهندس بيشارك كويس
عدد المساهمات : 123 تاريخ التسجيل : 03/11/2007 رقم العضوية : 193 Upload Photos :
| موضوع: الوسطية والسعادة(الطريق الي السعادة) الأحد 9 مارس - 21:42 | |
| ( الطريق إلى السعادة )الوسطية مقدمة : : اعتدنا أن نعرض عليك في كل حلقة فكرة صغيرة غالباَ ما يسبب العمل بعكسها أو إهمالها ضيقاً وكرباً واكتئاباً بصورة مباشرة أو غير مباشرة وقد يعي الواحد منا ذلك وقد لا يعي ، والعمل بهذه الفكرة غالباً ما ينعكس علينا بالتوافق النفسي مع الله سبحانه وتعالى ومع أنفسنا ومع الآخرين ، فيا ترى ماذا نعني بالوسطية ؟ وكيف تزيل الوسطية سوء التوافق والضيق وتحقق السعادة ؟ سنحاول في هذه المقالة أن نجيب على هذه الأسئلة مدللين على ذلك من علم النفس والدين والفلسفة والتاريخ والواقع المعاش .مفهوم الوسطية :ونحن نتحدث عن الوسطية لا يجب أن نغالي في تتبع معانى المفهوم فإذا قلنا أن الوسطية تعني الوقوف بين طرفين في المكان أو الزمان أو في الصفات أو الأفعال ، فسيتبادر إلى ذهننا وما الطرف أو التطرف ، الحقيقة هي مفاهيم واضحة لدى أغلب الناس ولكن غير الواضح هو تحديدها أي تحديد نقطة الطرف والوسط ، ونحدد معنى الوسطية في مقالانا بمعنى عدم الغلو والمبالغة وهو مفهوم يقترب فيما يخصنا من التوازن والواقعية والاعتدال ، الاقتراب من القاعدة والبعد عن الشذوذ .سوء التوافق ؟يبدأ الاضطراب النفسي من الاضطراب العادي الذي يتعرض له كل إنسان وهو موضوعنا هنا إلى الاضطراب المرضي ، ويعرف التوافق النفسي بأنه عملية دينامية مستمرة يقوم بها الفرد مستهدفا تغيير سلوكه ليحدث علاقة اكثر انسجاما بينه وبين خالقة و نفسه وبيئته ، ومما يحدد توافق الفرد هو اقترابه مما هو سائد في مجتمعه والبعد عما هو سائد يؤدي إلى سوء التوافق بما فيه القلق والاكتئاب وغير ذلك من الاعراض .الوسطية والسعادة :وبما أننا ننطلق من أن الإنسان يبدأ بالتفكير والتفكير يتبعه انفعال والإنفعال يتبعه سلوك وبما أننا قد أشرنا أن توافق الفرد النفسي يتحدد بنوع العلاقة مع نفسه وخالقة والمجتمع الذي يعيش فيه فإن تركيزنا سيكون على نوع العلاقة هل هي متوازنة أم فيها غلو وتطرف ؟إن الغلو والطرف يؤديان إلى الاختلال والاضطراب وسوء التوافق ويدربك حياة الإنسان الذي ينعكس على حالته النفسية من قلق واكتئاب ، والتوازن والاعتدال في علاقة الانسان يؤديان إلى التوافق النفسي والاستقرار والشعور بالأمن وهذه هي فكرة الحلقة وسنوضحها من خلال علاقة الإنسان بخالقة ونفسه وبيئته . علاقة الإنسان بخالقه :إن علاقة الإنسان بخالقه من شروط التوافق النفسي والصحة النفسية والبعد عن الخالق سبب رئيسي لقلق الانسان وتعاسته ومخاوفه وهذا معروف لدى أغلب علماء النفس من الشرق والغرب ولدى الفلاسفة من قديم الزمان إلى الحاضر، وأما الغلو فلا نقصد به قوة العلاقة ولكن نقصد الغلو في التعبير عن ذلك كما يفعل بعض الرهبان في عدم الزواج ، أو كما قال ثلاثة من الرجال للرسول (ص ) بأن الأول لن يتزوج النساء والثاني سيصوم الدهر والثالث لن ينام اليل فكان رد الرسول ( ص ) بأنه يتزوج النساء ويصوم ويفطر وينام الليل ويسهر ، وقد حرم الإسلام صيام الدهر رغم أن الصيام لله وحده ، فالإسلام يحث المسلم على أن يأخذ نصيبه من الدنيا .و الإسلام ليس متطرفا فهو دين الوسطية والاعتدال في العبادة والطعام والمال والعطاء والغضب والفرح وإشباع الغرائز والعقل والروح والتعامل والنظرة بصورة عامة للحياة بواقعية ، والوسطية منهج رباني حميد يمنع العبد من الحيف إلى أحد الطرفين إن من خصائص الإسلام أنه دين وسط فهو وسط بين اليهودية والنصرانية : اليهودية التي حملت العلم وألغت العمل والنصرانية التي غالت في العبادة وطرحت الدليل فجاء الإسلام بالعلم والعمل والروح والجسد والعقل والنقل (( وكذلك جعلناكم أمة وسطا )) .علاقة الإنسان بنفسه :ونوع العلاقة بين الفرد و نفسه يحدد نوع توافقه النفسي وصحته النفسية و سعادته وتعاسته فإذا كانت نظرة الفرد لنفسه متطرفة في شعوره أنه متدني أو أنه أقل من الآ خرين أو عكس ذلك بأنه أفضل من الآخرين سوف يخل بتوافقه مع نفسه ومع الآخرين ، وهنا لا بد من النظرة الواقعية لذاته والتي هي ليست أقل أو أعلى من الناس فكل انسان اعطي شيئ وحرم من اشياء كفيره من الناس .علاقة الفرد بالآخرين :وعلاقة الفرد بالآخرين يجب أن تكون معتدلة فالبعد عن الناس والانطواء يؤدي إلى سوء التوافق الاجتماعي والنفسي والانسان كائن اجتماعي يعيش بين الناس ، وكذلك الاندماج بالناس اندماجاً متطرفاً يؤدي ايضاً إلى سوء التوافق لأسباب كثيرة منها أن العلاقة التي فيها غلو تؤدي إلى الاتصاق بالأخرين ذلك الاتصاق الذي قد يسبب لهم الضيق ، كما أن الثقة الزائدة عن الحد هي ثقة غير واقعية تتناسى ضعف الإنسان وشهواته فالحديث الشريف يقول : ( ثانياً : المحك الثقافي Culturalالواقعية والاعتدال والوسطية : وعلى سبيل المثال كجانب من جوانب الحياة ذلك الشخص الذي يريد أن تتصف زوجته بالصفات الكاملة التي يريدها وإذا نقصت إحدى هذه الصفات جن جنونه وشعر أنه تعيس وأن الناس سعداء ولهم زوجات أفضل من زوجته ، وحديث الرسول الكريم (( لا يكره مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر )) .وعلى سبيل المثال أيضا وليس الحصر الغضب والشهوة والعلم يحتاج أن يكون أمرها متوسطاً لئلا تزيد قوة الشهوة فتخرجه إلى الرخص فيهلك أو تزيد قوة الغضب فيخرج إلى الجموح فيهلك ( خير الأمور أوسطها ) ، فإذا توسطت القوتان بإشارة قوة العلم دل على طريق الهداية وكذلك الغضب : إذا زاد سهل عليه الضرب والقتل وإذا نقص ذهب الغيرة والحمية في الدين والدنيا وإذا توسط كان الصبر والشجاعة والحكمة . وكذا الشهوة : إذا زادت كان الفسق والفجور وإن نقصت كان العجز والفتور وإن توسطت كان العفة والقناعة وأمثال ذلك وفي الحديث ( عليكم هديا قاصداً ) . إنه منهج الاعتدال في أخذ الأمور والحكم على الأشياء ومعاملة الآخرين فلا زيادة يطفو بها كيل القيم ولا نقص يضمحل به أصل الخير لأن الزيادة ترف وسرف والنقص جفاء وإحفاء ( فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) إن الحسنة بين السيئتين : سيئة الإفراط وسيئة التفريط وإن الخير بين الشرين : شر الغلو وشر المجافاة وإن الحق بين الباطلين : باطل الزيادة وباطل النقص وإن السعادة بين الشقائين : شقاء التهور وشقاء النكوص .فالسعادة في الوسط فلا غلو ولا جفاء ولا إفراط ولا تفريط وإن مما يسعد المسلم في حياته الوسطية الوسطية في عبادته فلا يغلو فينهك جسمه ويقضي على نشاطه ولا يجفو فيطرح النوافل ويخدش الفرائض ويركن إلى التسويف وفي إنفاقه : فلا يتلف أمواله ويبيد دخله فيبقى حسيراً مملقاً ولا يمسك عطاءه ويبخل بنواله فيبقى ملوماً محروماً ووسط في خلقه : بين الجد المفرط واللين المتداعي بين العبوس الكالح والضحك المتهافت بين العزلة الموحشة وبين الخلطة الزائدة على الحد | |
|