ENG_GODZELA مشرف مرشح لمنصب مشرف عام
عدد المساهمات : 3368 تاريخ التسجيل : 25/07/2007 العمر : 39 الموقع : كلية الهندسة _قسم الهندسة المدنية رقم العضوية : 31 Upload Photos :
| موضوع: !!!الستّ المذيعة ومقاييس أخرى للثقافة الثلاثاء 15 يوليو - 13:48 | |
| !!!الستّ المذيعة ومقاييس أخرى للثقافة
خرجتُ إلى الشارع أشبع هواية قديمة ، كنتُ نسيتها بحكم السنّ ، وبلوغ الأشدّ ، واكتمال الحُكم والعلم ، داعياً الله أن يوزعنى أنْ أشكر نعمته التى أنعمها علىّ وأن أعمل صالحاً ، واليوم ألحّت علىّ فلبيت نداءها ؛ إنها هواية التسكع أو تصفح الوجوه بعض الوقت ، وهبطتُ الشارع 0 الشارع ضيق طويل تتناثر على جانبيه عرباتُ الباعة الجائلين فتستر الدكاكين المتواضعة خلفها ، وتغطى الأرصفة فلا تترك موضعاً لقَدَم ، حتى إنّ المرور بينها يحتاج مهارةً خاصة ، بينما اختلطتْ أصوات البشر والدوابّ بأصوات السيارات المتهالكة والكاسيت التعيس فى مشهد هو العشوائية كلها 0 وفجأة ظهرتْ ، مرقتْ إلى الشارع كسهم تتهادى فى دلال ، يتطايرشعرها الغجرىّ فيصيب بالجنون كل ما حولها ومن حولها ، يسبقها فريق الإعداد ويتبعها فريق الإخراج وتحيط بها الأسلاك وتسير إلى جوارها فى بطْء سيارة رائعة كُتِب على جهاتها الأربع الأصلية ( التليفزيون ) وهى وسط هذا المهرجان واسطة العِقْد ودرّة التاج 0 ثم توقفت فى حركة مسرحية أمام طاولة أو ترابيزة أو طبْلية أو سمّها ما شئت المهم إنها مربّع خشبى يقوم على أربع ، ويعلو عن الأرض شبراً أو بعض شبر ، خلفها تجلس عجوز مسكينة ، فقََدَ جلبابها لونه الأصلى وبعض أجزائه فى معركته الأبدية مع عوامل التعرية التى يتعرض لها طوال النهار وطرفاً من الليل ، تزجى بضاعة من مادة واحدة - البلاستيك - أمشاط ومشابك شَعر وأخرى للغسيل والخ00 فاجأتْها الست المذيعة ( احْنا التليفزيون وده برنامج - عظماء صنعوا تاريخ الوطن - حنسألك سؤال ولو جاوبتى صح ليكى جايزة كبيراااه من البرنامج ) وانفرجت أسارير المسكينة وخرج من عينيها دعاء صامت ( افرجها يارب) وسألت الست المذيعة العجوز المسكينة ( إيه أول فيلم للفنانة نعيمة عاكف ؟ وكان اسمها إيه فى الفيلم ؟ ) وأسقط فى يد العجوز ولمْ تجد الجواب واستنجدت عيناها بالمارة ممن توقفوا حول نجم المذيعة اللامع ، واستغاثت بأحدهم أن يرشدها إلى الجواب وما من مغيث ! ونظرت إليها المذيعة فى قرف بيّن نظرة جمعت فيها كل معانى السّخط على تلك التى أهملت تاريخ وطنها ، وفضلت تلك البضاعة البلاستيكية على قراءة تراث هؤلاء العظماء ! بينما غاضت الفرحة من وجه المسكينة وتأجّل فرجها إلى أجل غير مسمى ، أمّا الست المذيعة فقدْ اندفعتْ تكمل مهمتها المقدسة فى بعث التراث ونشر الثقافة فى سماء العشوائيات ، تسْرع فى مشيتها فلا تكاد الكاميرا تلاحقها وتبطئ فتلاحقها الأعين باحثة عن بعض التفاصيل 0 وفى حركة أخرى بديعة اعترضتْه فتوقّف تلمع قطرات العرَق على جبينه المتْرِب فتصنع عجينة من لون غريب ، يحتضن كيسَ الخبز فى حنان أمّ تحتضن وليداً طال انتظاره ، ولِمَ لا وهو ينتظره فى الطابور الطويل منذ الصباح ! نظر إليها فى بلاهة فسألتْه فى دلع ( حضرتك فاكر اسم العسكرى اللى كان واقف ورا الفنان العظيم اسماعيل ياسين فى فيلم - اسماعيل ياسين فى الجيش ؟ ) وسكت صاحبنا ولم يجبْ ، بينما تعالت الأصوات تذكر أسماءً لعل أحدها يصيب الهدف ولكن خاب الأمل ، ونظرتْ الست المذيعة إلى الجمْع التعيس فى حزن عميق على التاريخ الذى ضاع فى بحار الجهل وظلام النسيان ، وسالت من عينيها دمعة حائرة وهى تغادر المكان ،بعد فترة هدأت وعادت إليها نفسها وانطلقت تكمل مهمتها الأسطورية ، تنشر النور فى الشارع المظلم الطويل ، لعلّ الله يهدى بها رجلاً ، ووجدته توسّمت فيه خيراً وأحسّت أن بغيتها لديه واعتدال الميزان على يديه ، يسير وسْط الشارع على دراجته القديمة ، وعلى رأسه تستقر صينية بسبوسة ، يغطيها مفرش رخيص ، بيده اليمنى كيس به أوراق قديمة اشتراها من تلاميذ المدارس ، يلفّ بها بضاعته التافهة ، ويده اليمنى على المقْوَد ، وهو ينساب بين المارة فى خفة يحسده عليها أعتى لاعبى السيرك ، أشارت إليه فترك إحدى قدميه تلتقى بالأرض لتصنع فرامل من نوع جديد ووقفت الدراجة ، ونظرتْ الست المذيعة إليه برقّة تحولت إلى قرف حين صافحتْ عيناها بضاعته ، وبدأتْ ( احنا التليفزيون وده برنا0000) وطلبت منه القليل من التركيز فالسؤال سهل والأمل كبير إن شاء الله ، وسألتْ ( مين الست اللى كانت ساكنة ورا قسم الشرطة فى فيلم ريّا وسكينة ؟) وغاص عنق صاحبنا بين كتفيه حتى كادت الصينية تسقط لولا لطف الله وتدخل أولاد الحلال ، ونظرت المذيعة أليه فى غضب صريح ، واحتقار واضح فتضاءل تحت ثِقَل النظرة وعار الفشل ، بينما وقفت هى تعجبُ وتبكى على ما جرى للبلاد والعباد ، وكيف ضاع التاريخ بينهم ، وذهبت جهود الرواد من الراقصات والطبالين سُدى 0 وتساءلتُ أنا - من أين هبطتْ تلك المذيعة ؟ ولمصلحة مَنْ تنشر تلك الثقافة ؟
| |
|
عبير رمضان مراقب عام المنتديات
عدد المساهمات : 3897 تاريخ التسجيل : 09/04/2008 العمر : 56 الموقع : في قلب مصر رقم العضوية : 994 Upload Photos :
| موضوع: رد: !!!الستّ المذيعة ومقاييس أخرى للثقافة الخميس 17 يوليو - 1:34 | |
| - اقتباس :
- وتساءلتُ أنا - من أين هبطتْ تلك المذيعة ؟ ولمصلحة مَنْ تنشر تلك الثقافة ؟
اعتقد ان اجابة هذا السؤال واضحة جداً شكراً يا بشمهندس علي هذه القصه الواقعيه الجميله واسلوبها السردي السلس
| |
|