قلبي مع الرئيس مبارك في هذه اللحظات الحزينة، بل هي اللحظات الأكثر حزنًا في
حياة أي أب وأي جد، أعرف هذه اللحظات فقد جربتها منذ سنوات حين اختار ربي
طفلي الأول، فكأنما نزع الموت من روحي شيئًا لم يعد بعدها أبدًا، وهي
لحظات تمر علي الرئيس الأب والجد أكثر قسوة مما يتخيل أي إنسان علي وجه
الأرض حين تشعر أن قلبك ينخلع من صدرك، وجودك كله يتهاوي تحت خبط ألم
مزلزل،
تغمض عينيك تتوسل إلي الله أن يمد يد رحمته لتنقذ ابنك
من موت ابنه، أن تعيد نبض حفيدك، بسمته، ضحكته، جريه نحوك بذراعين
مفتوحتين وبلهفة وديعة وحب صادق هو أصدق ما يمكن أن تعيشه في دنياك،
ساعتها تخشع لله الرحيم الرءوف، يارب أرني رأفتك، يارب ارزقني رحمتك، يارب
يامنان يا رحمن يارحيم، تفتح عينيك متأملا الغرفة، بياض السرير، عيون
الأطباء، شفاه المحيطين، شاشات الأجهزة، جسد الحفيد الراقد، حركة من
أصبعه، طرفة من رمشه، نفسا من صدره، لعل الله قد استجاب، لكنك تسمع انكسار
الأمل في ضلع قلبك، تريد للدنيا أن تقف، أن تتجمد، أن تحزن معك، أن تبكي
معك، كأنما يحفرون اللحد في لحمك ومن لحمك.
أعرف أن الرئيس مبارك
الذي فقد حفيده محمد علاء مبارك مقاتل عاش غمار الحروب واستشهاد الأبطال
من الأصدقاء والرفاق، لكن وفاة حفيده الأول وفلذة كبده وقرة عينه ومني
روحه الذي يحتل حجرة من حجرات قلبه أمر أقسي من كل الحروب وأهوي علي النفس
من أي فقد أو فقيد، علي قدر قسوة هذه اللحظة في حياة الرئيس الجد والأب
وهو يري ابنه الأكبر مكلوما ومحزونا لفقد ابنه الأكبر علي قدر ما يرسل
الله ريح صبر وقوة فتسكن صدر المؤمن وتنشر في وجدانه سلام القبول بأمر
الله عز وجل وقضائه، الرئيس في هذه اللحظة الحزينة، بل هي الأحزن بين رفق
قلبه علي نجله وحزن روحه علي حفيده وشفقته علي ألم عاصر هادر في قلب زوجته
جدة الحفيد الراحل يجب أن يشعر أننا جميعا -معارضوه قبل مؤيديه- نشاطره
جرحه ونقتسم معه حزنه ونتقاسم معه هذه المشاعر المؤلمة وندعو الله أن يقوي
علاء مبارك والسيدة زوجته وأن يمنحهما صلابة تحمل فقد ابن عزيز وغالٍ.
إبراهيم عيسي